ا- المذهب العقلاني العقلانية
هي اتجاه فكري يرى أن العقل هو المصدر الأول للمعرفة ، و الأداة الأساسية
في البرهنة ، و المقياس الذي نميز به بين الأفكار الصحيحة و الأفكار
الخاطئة ، و بين الافعال الخيرة و الأفعال السيئة ، و المنبر الوحيد الذي
نطل به على الحقيقة .و يعتبر رنيه ديكارت ، و سبينوزا و لايبنتز من رواد
هذا المذهب . و تتمثل أهم حججهم في :
- في العقل مبادئ فطرية و قبلية سابقة عن كل تجربة ، و ليست متولدة من
الحس ، فهي واضحة و بسيطة لا يشوبها الخطأ ، عليها تنشأ المعرفة وتتكون
الأفكار الصحيحة ، مثل مبدأ الهوية القائل أن الشيئ هو دائما ذاته ، و لا
يكون شيئأ آخرا ، و مبدأ عدم التناقض القائل أن المتناقضين لا يجتمعان معا
، ، و مبدا العلية القائل ان لكل علة معلول و لكل معلول علة ، ومن الأفكار
الفطرية و البديهية فكرة وجود الله ، و وجود الذات الذي مرده التفكير يقول
ديكارت ( انا أفكر فأنا اذن موجود )
- إن معرفتنا بحقيقة الامور لا تتوقف على الحواس ، بل على نشاط العقل لأن
الحواس لا تحقق معرفة مجردة التي يحتاجها التفكير ، ان التفكير يقوم على
الكليات و هي صور مجردة تدرك بالعقل مثل صورة الانسان و صورة الحيوان و
صورة المعدن ..الخ بينما الحواس لا تدرك الا الجزئيات ، فالعين ترى أحمد ،
و علي ، و حياة ، لكنها لا ترى الإنسان لأنه صورة مجردة ..
- الحواس مصدر غير موثوق ، و أحسن دليل على ذلك هو الخداع البصري ، الا
نرى السماء ملتصقة بالبحر لما ننظر في الأفق؟ ، ألا تبدو لنا العصا
المغموسة في الماء منكسرة ؟ ألا نرى حجم الجسم يكبر كلما يقترب منا و يصغر
كلما يبتعد عنا ؟ فالحقيقة اذن ليست ما نراه بل ما نتصوره
- الحقائق الاولى كالاوليات الرياضية و المنطقية تدرك بالعقل عن طريق
الحدس من غير مقدمات ، و الحدس نور فطري و معرفة مباشرة ليست مسبوقة
بمقدمات كقضية الكل أكبر من جزئه ، و أن ثلاثة عدد فردي ، أن المستقيم ليس
معوج ، و أن الجسم ممتد ...الخ يقول ديكارت ( اإن حدس البداهة اوثق من
الاستنتاج ذاته ) و يقول سبينوزا ( ان العقل يجد شكله الاسمى و الاصح في
الحدس )
النقد/ عندما نفكر لا نصيب دائما مما يعني أن الفكر غير معصوم من الخطأ ،
و الحواس رغم أنها لا تقدم لنا معرفة يقينية أحيانا ، الا أنها تبقى
ضرورية من أجل الاتصال بالعالم الخارجي ، و لو كانت المعرفة فطرية لكانت
واحدة عند الجميع لكن الواقع يثبت أنها متفاوتة
ب المذهب التجريبي / التجريبية مذهب فلسفي يرجع كل المعرفة و مادتها و
قوانينها إلى التجربة و معنى ذلك انه لا يوجد شيء في العقل ما لم يوجد في
الحس ، إذن التجربة التي مصدرها الإحساس هي المنبع الأول لجميع الأفكار و
يعتبر حون و كوندياك و دافيد هيــوم رواد هذا المذهب و تتمثل مبرراتهم في
- الحواس مصدر المعرفة والنافذة التي نطل بها على العالم الخارجي ، ومن
فقد حاسة ، فقد المعاني المتعلقة بها ، فالبرتقالة مثلا ، يصل إلينا لونها
عن طريق البصر ، و رائحتها عن طريق الشم ، و طعمها عن طريق الذوق ، و
ملمسها عن طريق اللمس ، فلو تناول هذه البرتقالة كفيف البصر يدرك كل
صفاتها الا لونها ، فالكفيف لا يدرك الألوان ، و الأصم لا يدرك الأصوات ،
فلولا الحواس لما كان للأشياء الخارجية وجودا في العقل
- النفس لوحة بيضاء و كل ما فيها مكتسب فكرتنا عن العالم الخارجي ليست سوى
مجموعة من الاحساسات تحولت بحكم التجربة الى تصورات ،فالمعرفة تكتسب
بالتدريج عن طريق الاحتكاك بالعالم الخارجي و ما تحدثه الوقائع من آثار
حسية، هكذا تتكون فكرتنا عن اللين و الصلب ، الابيض و الاسود ، القبيح و
الجميل ، الخير و الشر ، فلا يستطيع الطفل ادراكها منذ ولادته إذن لا وجود
لأفكار فطرية أو مبادئ قبلية سابقة عن التجربة يقول جون لـــوك (لنفرض
أن النفس صفحة بيضاء فكيف تحصل على الأفكار ؟ إني أجيب من التجربة ، و
منها تستمد كل مواد التفكير )فنحن ندرك الملموس قبل المجرد ، و الخاص قبل
العام
- فالمبادئ ليست ضرورية و لا كلية ، لأن العقل ثمرة التجربة ، و التجربة
متغيرة وأنه لهذا السبب نفسه تابع لشروط متغيرة ، وأحكامه لا تصبح كلية و
لاضرورية الا بالنسبة لظرف معين فهي نسبيـــة و كما انها غير ذاتية لأنها
متعلقة بحوادث متغيرة خارجية
النقد / رغم أن الحواس ضرورية للاتصال بالعالم الخارجي إلا أنها غير كافية
للإطلاع على حقيقة هذا العالم فالكثير من الأمور تغيب عن شهادة الحواس و
تحتاج الى إدراك عقلي كالصور المجردة والعلاقة الثابتة بين الأشياء ،
بالإضافة إلى أن الحواس مصدر غير موثوق في المعرفة